سورة البقرة
هي أطول سور القرآن الكريم، نزلتْ على مراحل متعددة، وعلى سنين طويلة، وهي من السور المدنية، أي من السور التي نزلتْ على رسولِ الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وهي أوّل سورة مدنية في القرآن، والسورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف، بعد سورة الفاتحة، وتحتوي سورة البقرة على آية الكرسي، وعلى أطول آية في القرآن الكريم وهي آية الدين رقم 282، ويبلغ عدد آيات سورة البقرة 286 آية، وهذا المقال مخصّص للحديث عن سبب نزول سورة البقرة وسبب تسميتها بهذا الاسم، وفضل سورة البقرة في الإسلام.
سبب تسمية سورة البقرة
بعدما وردَ من تعريف سورة البقرة، من الجدير بالذكر هو سبب تسميتها بهذا الاسم، ويرجع سبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم إلى قصة سيدنا موسى -عليه الصّلاة السّلام- مع قومِهِ بشأن القتيل الذي لم يُعرَفْ قاتِلُهُ، فأمر الله تعالى سيدنا موسى أنْ يأمر قومَهُ أن يذبحوا بقرة أيًّا كانت فشدّدوا في طلب أوصافها فشدّد الله عليهم، ويأخذوا بعد ذبحِها من عظم رقبتها وبضربوه بعظم القتيل، وعندما فعلوا، أحيا الله تعالى، بقدرتِهِ القتيل؛ فقام وقال اسم قاتِلِهِ، ثم مات، وهذه إحدى معجزات سيدنا موسى -عليه الصّلاة والسّلام-، قال تعالى في محكم التنزيل: “وإِذْ قالَ موسىٰ لقومهِ إِنَّ اللَّهَ يأمرُكُم أَن تذبحوا بَقرةً ۖ قَالُوا أتَتَّخذنَا هزُوًا ۖ قالَ أعوذُ بِاللَّه أن أكونَ منَ الجاهلينَ * قالُوا ادعُ لنا ربَّكَ يبيِّن لنا ما هيَ ۚ قَالَ إِنَّه يقولُ إنَّها بقرةٌ لا فارضٌ ولَا بكْرٌ عوانٌ بينَ ذَٰلكَ ۖ فافعلُوا ما تؤْمرُونَ * قالوا ادْعُ لنا ربَّكَ يبيِّن لنا ما لونهَا ۚ قالَ إنَّهُ يقولُ إنَّها بقرةٌ صفراءُ فاقعٌ لَّونها تسرُّ النَّاظرينَ” 1). 2).
سبب نزول سورة البقرة
إنّ كثيرًا من سور القرآن الكريم تنزلُ لغير سبب، وهناك سور تنزل لسبب معروف، فليس لكلِّ سورة أسباب نزول خاصّة ومعروفة، قال السيوطي: “لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها”، وقال محمد بن سيرين: “سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: اتقِ الله وقل سدادًا؛ ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن”، ومن هذا يمكن استنتاج أنَّ معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة، فتنزل الآية مقرونة بما حصل، وهذا يؤدّي إلى أنَّه لا يمكن تحديد سبب نزول سورة البقرة على النَّبيِِّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فلا يمكن حصر أسباب نزولها في سبب واحد لتعدد الأسباب في نزول الآيات، وهذا حال السور الطويلة في القرآن غالبًا، والله أعلم. 3).
فضل سورة البقرة
لقد وردتْ كثير من الأحاديث في السنة النبوية الشريفة عن فضل قراءة سورة البقرة، ومن هذه الأحاديث ما ورد عن سهل بن سعدٍ، قال: قالَ رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم-: “إِنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا، وإنَّ سنامَ القرآنِ سورةُ البقرةِ، من قرأها في بيتهِ ليلًا لم يدخلِ الشَّيطانُ بيتهُ ثلاث ليالٍ، ومنْ قرأها نهارًا لم يدخلِ الشَّيطانُ بيتهُ ثلاثة أيَّامٍ”، 4)، فسورة البقرة تطرد الشيطان من البيت الذي تُقرأ فيه، هذا ما صحّ عن النبيِّ -عليه الصّلاة والسّلام- فقد وردَ أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، قالَ: “لَا تجعلوا بيوتكمْ مقابرَ، إنَّ الشَّيطانَ ينفرُ من البيتِ الذي تقرأُ فيهِ سورةُ البقرةِ”، 5)، وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: “يعني إذا قرأتَ في بيتكَ سورة البقرة، فإنَّ الشيطان يفرُّ منه، ولا يقرب البيت؛ والسبب أنَّ في سورة البقرة آية الكرسيِّ”. 6