الحضارة الإسلامية
تعد الحضارات مؤشرًا على الرقي الإنساني، ويمكن من خلالها الحكم على مدى التطور الحضاري في فترة زمنية معينة، والتي تنسب إليها حضارة ما تاريخيًا، وقد تعاقبت على هذه الحياة العديد من الحضارات المختلفة، وكانت مثالاً في التقدم والتطور الإنساني على كافة الأصعدة، ومن أهم هذه الحضارات الحضارة الرومانية، والحضارة الفارسية، والحضارة الفرعونية، إضافة إلى الحضارة الإسلامية والحضارة اليونانية، وتركت هذه الحضارات جمعيها بصمة في التاريخ الإنساني لا يمكن له أن تمحى، وما زالت بعض الآثار التي تدل على هذه الحضارات موجودة حتى يومنا هذا، والتي تشير إلى منهج الحياة في تلك الحضارات بشكل أو بآخر.
مفهوم الحضارة الإسلامية
تعرف الحضارة الإسلامية على أنها كل ما منحته رسالة الإسلام للعالم أجمع من قيم ومبادئ أدت إلى إحداث النهضة والتطور في العالم، ويظهر ذلك من خلال شريعة الإسلام السمحة التي أضفت قيمًا أخلاقية على السلوك الإنساني، ومنحت الإنسان فرصة جديد لتكريم نفسه عن سائر المخلوقات ومنعته من كل ما لا يليق به ويؤدي بالنفس البشرية إلى الضياع والتهلكة.
وينضوي تحت مفهوم الحضارة الإسلامية الإنجازات المختلفة التي حققتها الحضارة الإسلامية في شتى مراحل حياة المسلمين ابتداءً من زمن النبي صلى الله وعليه وسلم ومرورًا بعصر الصحابة الكرام وتوالي الفتوحات الإسلامية بعد ذلك لتصل رسالة الإسلام إلى بقاع العالم كافة، ويعزز ذلك ومن إرثها الحضاري لتكون من أهم الحضارات الإنسانية التي عايشتها البشرية على كافة الأصعدة وأثرت فيها بشكل أو بآخر.
خصائص الحضارة الإسلامية
تتميز الحضارة الإسلامية بالعديد من السمات التي تميزها عن مختلف حضارات العالم ومن أهم هذه السمات ما يلي:
أنها ليست من وضع البشر، وهي من أهم خصائص الحضارة الإسلامية فهي الوحيدة التي يتميز منهجها بأنه رباني أنزلت أحكامه وتشريعاته في القرآن الكريم وعززتها السنة النبوية.
أنها بنيت على الأخلاق وتكريم الإنسان وأزالت كل مظاهر العنصرية والتفريق بين الأعراق والأوطان والأجناس وصانت العرض ودعت إلى التمسك بمكارم الأخلاق وترك ما يلهي النفس ويذهب العقل ويودي بحياة البشر.
أنها قامت على القيم الروحية ولم تنسَ القيم العلمية، فكانت تتصف بالشمولية والانخراط في كل ما يمس حياة الإنسان، ويظهر ذلك في الإرث الإسلامي الذي تركته الحضارة الإسلامية في فنون العمارة والخط، والإنجازات التاريخية في الفيزياء والرياضيات والطب والهندسة والفلك، كما أنها قدمت للعالم العديد من العلماء الذين تركوا بصمة في التاريخ العلمي للعالم كابن سينا والرازي والفارابي وابن الهيثم وابن النفيس وغيرهم.
أنها ممتدة إلى يومنا هذا، لأنها قامت على منهج رباني يتسم بالديمومة والحفظ، وهذا يبقي الحضارة التي نشأت عن هذه الرسالة الربانية لأنها ليست من وضع البشر، وهذا ما يجعلها حداثية دون غيرها وتضيف كل يوم إلى إنجازاتها ما يدل على ديمومتها.